من دفاتر الثورة

لم يكن الشعب السوري بعيد عن “الربيع العربي” في البلدان التي انتفضت ضد طغيان وظلم الأنظمة الحاكمة بدايةً من تونس انتقالاً إلى مصر وليبيا وصولاً إلى سورية .
من درعا “مهد الثورة” انطلقت أول صرخات الحق في وجه دكتاتورية النظام البعثي بأفرعه الأمنية، بعد أن تمادى النظام ومارس مختلف اصناف العنف ضد مجموعة من الأطفال الذين تعطشوا للحرية ودفعتهم الحماسة للتعبير عن ما يختلج في نفوسهم بكتابة عبارات مُناهضة لنظام الأسد على جدار مدرستهم من قبيل “إجاك الدور يا دكتور” وغيرها من العبارات المعبرة ليكون الرد باعتقال هؤلاء الأطفال وتعذيبهم متجاهلين نداءات الاستغاثة من أهاليهم للافراج عن أبنائهم القاصرين.
هذا الأمر فجر الشرارة الأولى للثورة، بعد رفض مسؤول فرع الامن في درعا وهو ابن خالة رئيس النظام ، الافراج عن الاطفال ما دفع اهاليهم وابناء درعا البلد الى تنظيم مظاهرة يوم 18 اذار/ مارس 2011 احتجاجاً على رفض النظام الافراج عن الاطفال .

تلك المُظاهرة التي أشعلت الشغف للحرية بنفوس أبناء الشعب، وشارك بها المئات من الشباب، وانطلقت من الجامع العمري الذي أصبح أحد رموز الثورة، احتجاجا على وحشية نظام الأسد وعبثيتهِ في التعامل مع مطالب الشعب التي تُعتبر حقً من حقوقه وكانت من أُولى الشِعارات التي انطلقت من حناجر المتظاهرين “سلمية سلمية” ، وسرعان ما ظهر الوجه الحقيقي والقبيح للنظام الذي ترجم حقده على الشعب باطلاق الرصاص الحي على المُتظاهرين لتُقدم درعا أول شهيدين بالثورة السورية “محمود الجوابرة” و”حسام عياش”.
ليمتد لهب الثورة إلى مختلف المحافظات السورية، شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً، من الغوطة ومحيط دمشق وحمص إلى بانياس وديرالزور وحماة والساحل ، وصولاً إلى العاصمة دمشق، رافعين هُتافات التضامن مع درعا “يا درعا حنا معاكِ للموت”، وبهذا التلاحم الثوري سطر السوريون أعظم ثورة في الربيع العربي وفي التاريخ المُعاصر، ورغم آلات البطش والقتل واستعانة نظام الأسد بحليفته روسيا، واستقطاب مختلف الميليشيات الطائفية والمناطقية ، إلا أن هذه الثورة لازالت مُستمرة إلى يومنا هذا، ومازالت تُسطر للعالم البطولات والتضحيات ومازال الشعب السوري الحُر مؤمن بفكرة الثورة رغم مرور 11 عاماًعلى شِعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، ومازال الشعب يؤمن بـأنه يوماً سيستجيب القدر وسينال حريته.