قصة معتقل من وحي الحقيقة ..

منذر شاب في مقتبل العمر يتطلع الى حياة كريمة ومستقبل مشرق ليتحول من صاحب عينين زرقاوين تشعان أملاً بغدٍ أجمل ، إلى شاب ينتظر ان يفقد بصره بعد معاناة من الاعتقال والتعذيب في زنازين النظام ..
منذر ضحية جديدة من ضحايا نظام كل مفردات القبح والذم لا تصفه او تعبر عن اجرامه ..
شارك منذر في مطلع الثورة بالحراك الثوري السلمي ، بدأ نشاطه بتنظيم المظاهرات مع مجموعة من الشباب من أصدقاء الحي الذي يعيش فيه، وغيرهم ممن جمعهم الامل بالتغيير الى الافضل وكانت مطالبهم كباقي أبناء جلدتهم في الحرية وإسقاط النظام الوحشي ..
بعدها أصبح منذر ملاحق من قبل القوى الأمنية ما اضطره الى اللجوء الى البساتين و الأراضي الزراعية ليختبئ بها هرباً من الوقوع بايدي قوات الامن التي يعرف ما يمكن ان يحصل معه اذا وقع بين ايديهم ..
وبعد ان شعر اكثر بالخطر قصد صديقه الجامعي مهدي الذي استضافه في منزله وتابعوا معاً أعمالهم الثورية من خلال برامج التواصل الاجتماعي آنذاك
ولكن ذلك الوضع لم يستمر لفترة طويلة هذه المرة بعد ان تمكنت قوات امن النظام من اعتقالهما معاً اثر اعتراف صديق لهما كان سبقهما الى المعتقل بمكان تواجدهما معترفاً بأنهم شركاءه في تنظيم الأعمال الثورية تحت وطأة التعذيب .
تم إلقاء القبض عليهما في تمام الساعة الثانية عشر ليلاً عندما كانا يرتبان أعمالهم ونشاطاتهم عبر الحاسوب في تلك الاثناء سمعا أصوات سيارات تتوقف أمام منزلهما وما هي الا لحظات حتى سمعا طرقاً شديداً على الباب الخارجي ثم خلع الباب ودخلت عليهم عناصر الأمن وكأنهم وحوش البراري إنهالوا عليهم بالضرب .
من الصعب وصف المشهد في ذلك الحين شابين أعزلين جل طلبهما أن تكون لهما حياة كريمة حرة خالية من العبودية،
لكن هيهات ان تنال ذلك في بلد تحكمه عصابة مجرمة .
لقد تحطمت على جسدي منذر وصديقه الكراسي الخشبية التي طالتها أيدي قوات الامن التي لا تعرف الرحمة
(لا صراخ يصدر ولا توسل ولا ترجي ولا حتى أنين)
قيدا إلى الفرع حيث ينتظرهما هناك الاستقبال الأكثر دموية ووحشية ومن بعدها إلى المنفردة .
(المنفردة حسب وصف منذر عذاب نفسي أكثر من العذاب الجسدي ، حيث سماع صرخات المعتقلين الذي يتم تعذيبهم وموتهم في غرفة التحقيق أقسى من التعذيب نفسه)
تنقل من فرع إلى آخر و من سجن إلى آخر.
حتى كتب الله له أن يولد من جديد ويخرج إلى الحرية المقيدة
منذر دخل المعتقل في التاسعة عشر وخرج في السادسة والعشرين من عمره سلبت حريته سبع سنوات من عمر الثورة ، كما سلبت منه عينه اليسرى التي فقدها من أثر التعذيب و الإهمال في تقديم العلاج الطبي اللازم وقتها..
الآن منذر مهدد أن يفقد بصره تماماً في كلتا العينين.
هو الآن يعيش في إحدى الولايات التركية يتابع حياته بشكل طبيعي ليثبت قوة وإرادة الشعب السوري الحر الذي لا يتنازل عن أي حق أو مطلب في سبيل نيل الحرية والعدالة والكرامة.
مواقف ومحطات مؤلمة عاشها منذر داخل المعتقل ..
تعذيب طفل أمام والده المشبوح ليعترف والده بأشياء لم يقم بفعلهاالطفل بصوت بريء (والله يا عمو مابعرف والله يا عمو ما عملت شي)
إجبار منذر على مشاهدة فتاة عارية مقيدة على كرسي وجهها ملطخ بالدماء وأثار التعذيب على جسدها تصرخ بصوت مبحوح والمحقق يطفئ السيجارة في جسدها .
منذر : لازالت هذه المواقف والمشاهد عالقة في رأسي منذر وصوت الفتاة إلى الآن يرن في أذني.