الثورة حق والحق لا يموت

الثورة فعلٌ دائمٌ قام به السوريون على مدار عقود، الثورة بدأت مع كل مقاومة للاستبداد، مع كل احتجاج وكلمة لا، مع كل ملاحقة وتخفٍّ، مع كل منع سفر، مع كل اعتقال، مع كل نفي وإبعاد وتهجير.
بدأت إرهاصات الثورة مع قدوم رياح ثورات الربيع العربي، ففي جميع مناطق سورية كانت تعبيرات الغضب والثورة حاضرة، من كتابة على الجدران إلى وقفات شموع وتضامن مع ثوار ليبيا ومصر وتونس واليمن، لكنّ المبتدأ والخبر كانا من درعا، هناك، حيث اندلعت شرارةٌ باتت مع الأيام شعلة لا تنطفئ.
في 18 آذار عام 2011 وُلِدَ المجدُ السوري من درعا، وكبر وشبّ على عوده أياماً طوالاً حتى احتضنته بعد ذلك أغلب مدن وقرى سورية.
أحد عشر عاماً مرّت على انطلاقة ثورة الكرامة في الثامن عشر من آذار، هناك في روابي حوران حيث عبق التاريخ وأصالة الحاضر ونضارة المستقبل. لقد كانت الثورة تتويجاً لنضالات من سبق من أهل سوريا، وقد شُحذت الهممُ وشدّت الأعصاب مع هبوب رياح الربيع العربي ونسائمه العليلة من تونس ومصر. كانت الأجواء مهيّأة للثورة، فالظلم الواقع على السوريين لم يكن بمقدورهم تحمله أكثر، لهذا كان الانفجار العظيم من درعا.
للثورة ألف سبب وسبب، وكل هذه الأسباب محقّة. لقد طغى الاستبداد على حياة سورية منذ انقلاب البعث المشؤوم عام ثلاثة وستين، فبدأ بالقضاء على الحياة المدنية، فحوّل الانقلابيون الدولة إلى معسكر مغلق يدار بالأوامر والبلاغات، تمّ تعليق الدستور وإلغاء الأحزاب، تمّ منع الناس من المشاركة في الشأن العام، تمّ تكميم الأفواه وفرض الرقابة على الصحف ومنع المستقلة منها من الصدور، بينما مُنحت التراخيص للصحف التابعة الموجهة فقط. تمّ منع جميع أشكال المشاركة الشعبية، فبات الإضراب جريمة والتظاهر جريمة وحتى إبداء الرأي والنقد باتا جريمة يُعاقب عليها بالاغتيال أو الاعتقال عشرات السنين، بينما كانت المنابر مفتوحة لأتباع نظام البعث ومن ثم نظام الأسد على مصراعيها. حتى الدينُ تم تسيسه، فلم تسلم الكنائس ولا الجوامع من تمجيد الحزب والقائد ولا من السير في ركاب المطبلين والمزمرين لهما.
وفوق هذا كلّه، كانت مزاودة النظام على الشعب بقضيّة فلسطين، وهو أقذر من تعامل مع فلسطين وشعبها، فلم يكن هناك من بين حكام العرب من قتل وشرّد الفلسطينيين مثل نظام الأسد، من مجازر تل الزعتر وحتى مجازر مخيمات درعا واليرموك وحندرات إبان الثورة السورية. وبينما ترك الجولان لإسرائيل وتنازل عن اسكندرونة لتركيا، وجّه حراب بنادقه وفوهات مدافعه وصواريخه وقنابل طائراته إلى صدور السوريات والسورين، على مدنهم وقراهم، فدمّرها وشردهم في أصقاع الأرض.
قامت الثورة من أجل التغيير، قامت من أجل كرامة الإنسان، قامت من أجل الحرية والمساواة والعدل وحقوق الإنسان. لهذا رفعت شعاراتها السلمية ونادت بوحدة الشعب السوري ووحدة تراب الوطن وسلامة حدوده السياسية.
اليوم، وبعد أحد عشر عاماً على اندلاع الثورة المباركة في الثامن عشر من آذار من مدينة درعا، نجدد العهد للشهداء والمعتقلين والمهجرين، نجدد عهد الوفاء لقيم لثورة ومبادئها، نجدد العهد على متابعة السير لحين انتصارها وتحقيق أهدافها.
عاست سورية حرّة أبيّة
18/3/2022
حسان الأسود