أوضاع السوريين

الهروب من الجحيم والبحث عن المستقبل

الكاتبة همس درعا ..( مجلة 18 من آذار )

منذ عدة أشهر ، تتداول شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع لشبان سوريين في غابات بيلاروسيا أو في عرض البحر بعد خروجهم من ليبيا ، منهم من يصل ومنهم من يلقى حتفهُ ضمن مخاطر وخوف ورعب .

هروب من وسط واقع في بلد يتجه نحو الهاوية ،ويفتقد لأبسط مقومات الحياة حيث الموت يلاحقك أنت وعائلتك في كل مكان .

فمنذ انطلاق الثورة السورية عام (2011) تشهد سورية بشكل عام و محافظة درعا بشكل خاص هجرة الآلاف من أبنائها،

والتي كانت ذروتها عام (2015)، واستمرت بوتيرة أخف حتى عادت هذا العام (2022) لذروتها ، حيث بلغ عدد المهاجرين من محافظة درعا نحو عشرة آلاف شاب .

ذكرت لمجلة (18) من آذار والدة (حمزة – م )أحد المسافرين إلى ليبيا للهجرة منها إلى أوروبا وينحدر من مدينة درعا بأنها خائفة وحزينة جداً لفراقهِ، ولكن تأمل أن يجد مستقبله ويكمل تعليمه وأن يعيش بكرامة ،

أفضل من بقائه في بلد تجلعنا مشاريع أرقام ستضعها منظمات حقوق الإنسان ضمن قوائم لتندد بها .

تُكمل حديثها فتقول نحن قتلى إما اليوم أو غداً ؛فالأفضل أن يجد مستقبله بعيداً عن الموت .

يوافق على ذلك والد أحد الشبان من مدينة نوى ، حيث ذَكَرَ لمجلة (18 من آذار ) ويُدعى (محمد – خ )

بأن هجرة ابنه إلى بيلاروسيا ووصوله إلى أوروبا أفضل من التحاقه مرغماً بميليشيات النظام وإيران .

من جهة أخرى لم تقتصر الهجرة على هذه الأمثلة ، فهناك هروب ولجوء صحفيو الثورة السورية إلى لبنان خلسة خوفاً من قتلهم بعد قتل العديد من الصحفيين خاصة بعد سيطرة النظام على أغلب مناطق محافظة درعا .

فذكر الصحفي (عبد الرحمن الاحمد ) رغم الأوضاع الأمنية السيئة في لبنان ، وملاحقة الصحفيين والناشطين في الثورة السورية من قبل ميليشيا حزب الله اللبناني المرتبط مع ضباط المخابرات السورية؛ إلا أنني لم يعد أمامي سوى الهروب خلسةً إلى لبنان هرباً من الإعتقال، والقتل على يد عناصر المخابرات السورية .

فجميع الصحفيون يأملون بالهجرة عبر السفارة الفرنسية أو عبر اختيار بدائل متاحة كخوض غمار ومخاطر البحر إن ما تم رفضهم من قبل السفارة .

وذكر عبد الرحمن الأحمد أنه ينتظر قبول السفارة الفرنسية ملفهُ، والموافقة له باللجوء إلى فرنسا والخلاص من مخاوفهِ، وقلقه جراء وجوده في لبنان كصحفي مُلاحق .

حالة الإحباط والتشاؤم التي يعيشها الشبان والعائلات تدفعهم إلى اللجوء ، فالعائلات تقْدُم على بيع ممتلكاتها؛ لتوفير المال في رحلة اللجوء لأبنائها .

واقع باتت العائلات فيه مشردة أحدهم يهاجر إلى بيلاروسيا وآخر إلى ليبيا وثالث إلى لبنان حال عائلة ( ليلى -ب) القاطنة في مدينة درعا ،

تقول لمجلة (18)من آذار وصل إثنان من إخوتي، والثالث فقدنا الإتصال به في غابات بيلاروسيا منذ إسبوع لا نعلمُ أخباره .

كما ذكرت ليلى بأن الوضع بات مستحيلاً للعيش في ظل قمع النظام ،وقهره الذي يمارسهُ على الناس ، وتأمل أن تسافر هي الأُخرى إلى بلد يضمن لها مستقبلاً تتحقق فيه أحلامها .

هذا هو الحل للهروب من الجحيم أمام صمت دولي ،يضع شعباً أمام خيارين إما الموت قتلاً وقهراً أو النجاة منه هرباً

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى