جهود مضنية للنظام في الجنوب السوري في سبيل تقويض عمل“اللجان المركزية”

موقع_18_اذار. أحمد النابلسي .
“اللجان المركزية”تشكيل تم تأسيسه مع فكرة المصالحات التي عمل النظام السوري على تعميمها , وعند وصول المصالحات إلى الجنوب السوري حاولت القوى الفاعلة تكوين جسم مقبول يحفظ مصالح القوى المعارضة الموجودة , ويمثل المجتمع المحلي في المنطقة أمام لجان النظام السوري والاجهزة الامنية الخاصة به ويتكون من وجهاء وعسكريين ومثقفين , وتشكلت عقب سيطرة النظام السوري على المحافظة في تموز عام 2018.
ويناط بها دور التفاوض ما بين الفصائل المعارضة والنظام السوري على شروط التسوية التي ضمنها الجانب الروسي بشأن عدة ملفات، منها عودة النازحين إلى ديارهم، إطلاق سراح المعتقلين , وعودة المؤسسات الحكومية إلى العمل، وتوفير الخدمات، وتسوية أوضاع المنشقين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية، والسماح بعودة موظفي الحكومة إلى وظائفهم وعدم الملاحقة الأمنية من خلال اتفاق التسوية وكل الأمور الخدمية والأمنية والسياسية التي يتم التوافق عليها في المنطقة بين النظام والمجتمع المحلي
شكلت ثلاث لجان تفاوض رئيسية تمثلت في اللجنة المركزية في ريف درعا الشرقي، و هيمن على قرارها اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة، واللجنة المركزية في ريف درعا الغربي، ولجنة درعا البلد.
جهود النظام لتفكيك اللجان المركزية
شكلت حالة التعاضد و وحدة القرار , التي انتهجتها اللجان المركزية ,في الحفاظ على ثوابت الثورة والمطالبة بالحقوق، عقبة حصينة في وجه النظام لتمرير مشاريعه الرامية الى فرض سيطرته العسكرية والأمنية على عموم محافظة درعا , كحال باقي المحافظات والمناطق التي سيطر عليها مؤخرا.
حيث يقول أحد المصادر المطلعين على مسار الأحداث في الجنوب السوري والذي فضل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية :إن اللجان المركزية أعطت محافظة درعا عقب سيطرة النظام “الشكلية” عليها، نمطا جديدا من المقاومة محافظين فيه على ثوابت الثورة ومبادئها، والتي لم يكن النظام يأخذ في باله حسابها لتصبح محافظة درعا بجهود تلك اللجان أشبه بمحافظة خارجة عن سيطرة النظام الفعلية و تتمتع بشبه حكم ذاتي.
واضاف المصدر بأن النظام عمل جديا للتخلص وتفكيك تلك اللجان بخطط استراتيجية تباينت في سلوكياتها، ابتداء بالترهيب تارة والتهديد تارة آخرى ، ووصلت للتخطيط وتنفيذ عمليات الاغتيال و الخلاص من أعضاء تلك اللجان التي شكلت هاجسا له .
الخلاص من اللجان المركزية أصبح هدفا للفروع الأمنية التابعة للنظام حيث نفذت عمليات اغتيال بحق أعضاء تلك اللجان عبر متعاونين مع الفروع الأمنية أو من خلال اليد الخفية للنظام والمتمثلة بخلايا تنظيم “داعش” والتي لم تتوان عن الانصياع لأوامر النظام وتوجيهاته في تقويض عمل تلك اللجان , وهذا ما أكدت العديد من التسجيلات والتي تم بثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي كشف وقوف خلايا داعش في تنفيذ تلك العمليات بحق اللجان المركزية
تراجع عمل اللجان
يقول مصدر مقرب من اللجان المركزية” إن النظام ومن خلال استهداف رموز و أعضاء اللجان المركزية في الريف الغربي والتي تكللت بالنجاح في اغتيال العقول المدبرة كالشيخ أحمد البقيرات والشيخ محمود البنات و الأستاذ مصعب البردان واخرهم الشيخ فادي العاسمي وغيرها من المحاولات التي لم يكتب لها النجاح والتي طالت أعضاء آخرين , فضلا عن حملات التشهير التي نالت بغير حق من أعضاء تلك اللجنة، كلها عوامل ساهمت في ثني اللجنة عن مزاولة ومتابعة مهامها لتعلن تجميد عملها
ويؤكد نفس المصدر بانه ومنذ تاسبس اللجنة المركزية الممثلة لريف درعا الشرقي لم يكن لها فاعلية كاخواتها في درعا البلد والريف الغربي وكما لم تحظى لجنة اللواء الثامن سابقا بحضور فاعل و هي التي قدمت نفسها كلجنة مركزية مفاوضة عن الريف الشرقي من المحافظة .
وبحسب مصدر اخر و الذي فضّل عدم ذكر اسمه لدواع أمنية ، وبالحديث عن اللجنة المركزية الممثلة لدرعا البلد فيقول بأن بعض المتضررين من عمل اللجنة عمدوا الى توجيه الانتقادات اللاذعة بحق اللجنة وعمدوا الى معارضة عملها واتهامها بالعمالة لصالح النظام، لتعلن اللجنة عن اتخاذ قرار يقضي بحل نفسها، و وقف نشاطها في كل المجالات والعودة لصفوف أهل البلد.
أبرز أعمال اللجان المركزية
كان للجان المركزية دور مهم في وقف الحملات العسكرية على بلدات محافظة درعا وانسحاب قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران إضافة لتنظيم مظاهرات حاشدة ووقفات احتجاجية وإضرابات متعددة كما تدخلت كوسيط للحيلولة دون وقوع عمل عسكري في بلدة كناكر في ريف دمشق الجنوبي وبلدة أم باطنة في ريف القنيطرة الأوسط.
جهود توحيد اللجان مساع لإعادة تشكيلها
سعت شخصيات مهمة لمحاولة توحيد اللجان في لجنة موحدة تحت اسم لجنة حوران المركزية في اجتماع ضم جميع ممثلين في منطقة الأشعري في ريف درعا الغربي سعيا إلى التوسع لاحقا لتشمل لجنة محافظة القنيطرة لكن المبادرة لم تبصر النور لأسباب مجهولة.
في ظل الزعزعة الأمنية والخلافات لا زالت هناك جهود إلى إعادة انطلاق اللجان وترميمها بشخصيات جديدة من الشارع المعارض وتوسعتها لتشمل منطقة الجيدور من ريف درعا الشمالي
وفي النهاية فالنظام السوري نظام شمولي لا يقبل بوجود مجتمع مدني أو ممثلين له ويعتمد بالدرجة الأولى على القبضة الأمنية والترهيب لادارة المنطقة بشكل رئيسي وما كان قبوله بفكرة وجود اللجان تلك إلا محاولة للالتفاف على الضغوط الروسية التي كانت تسعى لاعادة الاستقرار للجنوب السوري بأي ثمن، مما نتج عنه قبول مبدأي للنظام السوري بوجود لجان تفاوض عن المنطقة، و سرعان ما سعى لحل تلك اللجان وفضل العودة إلى الحلول المتبعة سابقا قبل الثورة حيث يفضل النظام وأجهزته الأمنية صناعة رموز أو وجهاء للمنطقة مرتبطين بمصالح مع أجهزته الأمنية ولا تربطهم بالمجتمع المحلي إلا ما يفرض عليها من دور من قبل المخابرات السورية وبالتالي يكون هؤلاء مجرد دمى يتحكم بها ضباط المخابرات بدون ثقل سياسي أو اجتماعي، وسعى إلى إلغاء وجود اللجان ورموزها التي تم التوافق عليها من المجتمع المحلي ولكن شعبية بعضهم وقدرتهم على المناورة بوجود الظروف الحالية من عدم الاستقرار وأوراق الضغط التي مازالو يملكون بعضها حالت دون تنفيذ مخططاته بشكل كامل بإلغائهم فسعى إلى التعامل معهم كأشخاص وليس كلجان أو ممثلين عن أحد، وبالتالي أضعاف تأثيرهم وأثرهم عليه وربطهم بمصالح وتسهيل ارهابهم وعزلهم عن المشهد لاحقا حينما تقتضي الحاجة وتكون الظروف ملائمة.