درعا إلى الواجهة من جديد، وعمليات الإغتيال مستمرة

موقع 18 آذار – أسامة المقداد”
بعد تصدر خبر الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا، وشمال غرب سوريا جميع الأخبار خلال الأسبوع الفائت، عادت محافظة درعا لتتصدر المشهد السوري من جديد؛ بعمليات إغتيال عدة جرت في المحافظة، توزعت على المحافظة من شرقها لغربها، لتسفر عن قتلى وجرحى.
*منذ متى بدأت عمليات الاغتيال؟ *
منذ إنطلاق الثورة السورية في محافظة درعا، كانت عمليات الإغتيال تتم بشكل مستمر، وكانت تستهدف النشطاء الثوريين في المحافظة، وكانت تشرف على هذه العمليات أجهزة النظام الأمنية، و استمرت عمليات الإغتيال على إمتداد السنوات التي كانت درعا بغالبية قراها، وبلداتها تحت سيطرة فصائل الجيش الحر ولكنها كانت بنسبة قليله.
ومنذ استعادة قوات النظام السيطرة على المحافظة العام 2018 بدعم روسي، لم تشهد هذه المحافظة أي استقرار، إذ باتت بوابة لتهريب المخدرات إلى الأردن، فضلاً عن عمليات الإغتيال المتنقلة التي انتشرت بشكل كبير لا يوصف، حيث لا يمرّ يوم على المحافظة، إلّا وهناك عمليات إغتيال تطال المئات من أبنائها، و التي يحاول النظام إستنزافها؛ ليسهلّ عليه فرض السيطرة المطلقة عليها حسب نشطاء المحافظة.
من ينظّم عمليات الإغتيال ومن تستهدف؟
تشرف على معظم عمليات الإغتيال بعد عام 2018 ميليشيات محلية جنّدتها الأفرع الأمنية في النظام السوري، وتتلقى دعم من إيران، ومنحتها تسهيلات وبطاقات أمنية، وجميع عمليات الإغتيال تستهدف النشطاء الثوريين في المحافظة، والقادة السابقين في الجيش الحر.
وكانت عمليات الإغتيال التي استهدفت قادة اللجنة المركزية في درعا البلد، المثال الأكبر، حيث تم استهداف قادة الصف الأول منهم القائد العسكري “أدهم الاكراد” حيث جرى إغتيالهم منتصف تشرين الأول عام 2020؛ بالقرب من دمشق وبين حاجزين للنظام، بعد خروجهم من إجتماع مع القيادة الآمنية للنظام قي العاصمة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وتسليم جثث شهداء معركة المهجورة.
بالإضافة إلى عملية الإغتيال أيضاً التي طالت القائد العسكري *خلدون الزعبي * ومن معه بعد خروجهم من جلسة التفاوض مع رئيس فرع الأمن العسكري “لؤي العلي” أثناء الحملة العسكرية على مدينة طفس بريف درعاالغربي، حيث تم إستهدافهم في منطقة المفطرة، والتي تنتشر بها عدة حواجز للنظام.
وتمكن نشطاء إعلاميين من نشر العديد من الوثائق خلال العام الفائت، تربط قادة الإجهزة الأمنيه بمجموعات الإغتيال،وتظهر الوثائق كيفة إعطاء أجهزة الأمن الأمر في الإغتيال ، والمحاولات المستمره لتجنيد العديد من أبناء المحافظة.
ولم يتوانى النظام عن انتهاز الفرصة للانتقام من خصومه الذين التحقوا بركب الثورة, فسخر كل الإمكانيات التي من شأنها تحقيق أهدافه في الاجهاز على معارضيه, فنسج علاقة بعضها بقي طي الكتمان, وأخرى كشفت تفاصيل روايتها مبكرا, وتمثلت تلك العلاقة بالتحالف الغير معلن مع خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والتي تمارس دورها الوظيفي استنادا على تعلمات تقدم من أجهزة النظام الأمنية.
ماعجز نظام الاسد عن تنفيذه, أوكل مهمته الى خلايا تنظيم “داعش” والتي مارست عملياتها الانتقامية ضد الكيانات والافراد, الذين كانوا يمثلون طوق النجاة من تغول النظام على القرار في الجنوب السوري.
تركيز خلايا تنظيم داعش في عملياتها، انصبت وبشكل كبير لتستهدف القادة العسكريين, وقادة الحراك الثوري, والشخصيات الاعتبارية المناهضة للنظام, وكان في استهداف أعضاء اللجنة المركزية في المنطقة الغربية دليل على ماسلف.
فعمليات الاغتيال والتي جرت كل منها على حدى، وفي فترات متلاحقة ومنها تلك التي استهدفت الشيخ “أحمد البقيرات” و مصعب البردان” والشيخ “أبو البراء الجلم” والشيخ”فادي العاسمي” والشيخ محمود البنات” والشيخ “علاء الزوباني”وجميعهم من الشخصيات الثورية, و المؤثرين على الأرض والذين رفضوا الانخراط في صفوف النظام و التبعية له, وكان في اغتيالهم نقطه تحول في المنطقة الغربية من محافظة درعا, ليسهُلَ على النظام السيطرة والتمكن من المحافظة بشكل كامل.
الارتباط والتنسيق بين خلايا تنظيم الدولة, وأجهزة النظام الأمنية, ليس وليد الصدفة بل يندرج ضمن إستراتيجية النظام السوري في توظيف المجموعات الراديكالية لتخدمه وقت الحاجة إليها, و كان للمعارك الآخيرة التي جرت في مدينة جاسم و أحياء درعا البلد, والتي أعلن عنها أبناء المنطقة لاستئصال المجموعات المنتمية لتنظيم داعش, دورا في إزالة الضباب الداكن والذي كان يعيق الرؤية ويشوّش التحليل, بسبب ماقدم من أدلة دامغة تظهر للجميع ارتباط خلايا تنظيم داعش بالأجهزة الٱمنية في نظام الأسد، والتي عملت على تسهيل تحركات تلك الخلاي ضمن المحافظة , وتوفير الدعم اللوجستي لها, وأن جميع عمليات الاغتيال التي تم تنفيذها هي بطلب من قادة الأفرع الآمنية.
*عمليات الإغتيال أصبحت تطال المدنيين ما السبب *
تفاقمت في الآونة الأخيرة ظاهرة استهداف المدنيين، والذي لا يتبعون لأي جهة، ولا علاقة لهم بشئ من قبل مسلحين مجهولين، يُعتقد أنهم يتبعون لمجموعات متخصصة بالإغتيال تُدار من قبل الأجهزة الأمنية في محافظة درعا.
وفي حديث لموقع 18 آذار قال مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية العميد ، “عبد الله الأسعد ” حول عمليات الإغتيال المستمرة في محافظة درعا : أنه وبعد تسويات عام 2018 والتي جرت برعاية روسية، تم وضع خطة في شعبة المخابرات العسكرية، والمخابرات الجويّة في المنطقة الجنوبية لإغتيال قادة الحراك الثوري في محافظة درعا، وكل من شارك في الإنتفاضة ضد نظام الأسد، بالإضافة إلى المدنيين التي لا علاقة لهم بشئ.
وأضاف الأسعد إن الهدف من إغتيال المدنيين في المنطقة؛ هو ترهيبهم، والدفع بهم للهجرة خارج الوطن؛ ليسهل عليه فرض السيطرة المطلقة على درعا، خاصة أن المحافظة ومنذ سيطرة النظام عليها هي المحافظة التي لم تهدأ، وتشهد بين الحين والآخر العديد من المظاهرات والفعاليات المعارضة له.
وتابع في كلامه: أن النظام يسعى جاهداً أن تبقى درعا في حالة فلتان أمني، وبالتالي سيكون هناك فرصة له للقيام بعمليات “أمنية وعسكرية”
*إيران ومليشياتها أبرز المستفيدين من عمليات الإغتيال *
وأضاف العميد “الأسعد “في حديثه حول هذا الموضوع: بأن إيران وميليشياتها في المنطقة ضمن أبرز المستفيدين إلى جانب النظام في الفوضى الأمنية، وهي من تقوم بشكل مباشر بتنسيق عمليات الاغتيال، والإشراف عليها وتجنيد مجموعات عديدة لصالحها للقيام بعمليات الاغتيال، فإفراغ المنطقة من الشباب يسهل على المليشيات السيطرة والتغلغل في كامل المحافظة، وبالتالي تسهيل تهريب المخدرات بإتجاه الأردن ومنه إلى دول الخليج والعالم أجمع.
وكان نشطاء من محافظة درعا تمكنوا من توثيق أكتر من 380 عملية ومحاولة إغتيال خلال عام 2022.