أوضاع السوريين

الجنوب السوري إلى أين بعد أن غرق في المخدرات.

موقع 18 آذار – أسامة المقداد.

لم يعد يخفى على أحد حجم الكارثة الكبيرة، التي تحصل في الجنوب السوري، وخاصةً في محافظتي درعا والسويداء، بعد أن تم اغراق المحافظتين بالمخدرات، فالموقع الجغرافي للمحافظتين و اللتين تلامسان أراضي المملكة الأردنية، والتي تُعدّ بدورها معبرًا لدول الخليج العربية، وخاصة السعودية، كان من أهم الأسباب لانتشار هذه الآفة، التي تفتك بشباب الجنوب السوريّ.

بالإضافة إلى تعمد النظام، ومليشياته بهذا الأمر لأسباب عدة أولها الإنتقام، من محافظة درعا، التي كانت شعلة الثورة.

تقارير عديدة أشارت إلى أن عمليات تصنيع، وتجارة المخدرات في الجنوب السوري، باتت منتشرة على نطاق واسع وعلنية إلى حد كبير، إذ نشطت المجموعات، والخلايا التابعة للمليشيات الإيرانية منذ تسوية 2018 بترويج الحبوب المخدرة، ومادة الحشيش في درعا والسويداء، بمعرفة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، ومشاركتها أيضاً، وحماية مصانع إنتاج المخدرات.

*من أين تأتي المخدرات*؟

بعد جمع العديد من المعلومات، وتحليلها، والتواصل مع الكثير من الأشخاص على الأرض، تمكن فريق 18 آذار من رصد طريقين
لوصول المخدرات إلى محافظة درعا، أحدهما تسيطر عليه ميليشيات “حزب الله”، ويمرّ من الحدود اللبنانية الجنوبية، نحو منطقة الحرمون، ثم إلى درعا، ليتمّ تصريف المخدرات، داخلياً وخارجياً.

والثاني هو القادم من العراق عن طريق مدينة الميادين، إلى البادية السورية، ومنها لمحافظة السويداء ودرعا، والطريق بالكامل تحت سيطرة المليشيات الإيرانية، بالإضافة للصناعة المحلية حيث تم فتح العديد من المقرات، والمصانع، تحت إشراف مليشيات حزب الله لصناعة الكبتاغون.

هناك في منطقة اللجاة، وفي قرية تُدعى *جدل* تصل كميات المخدرات كمواد خامّ، ويتم تحويل البودرة عبر مكابس مُخصّصة إلى مخدرات جاهزة للتصدير، والتوزيع في أنحاء درعا، وتم وضع معامل الكبس في مدرسة قديمة ضمن قرية جدل، وأمام هذه المدرسة يتمركز حاجز تابع لفرع أمن الدولة، وأحد أكبر الحواجز تعاملاً مع حزب الله اللبناني في المنطقة.

 

*من يقف وراء استهداف تجار المخدرات*؟

ووفق أحد العسكريين في محافظة درعا، وهو أحد مقاتلي الجيش الحر سابقاً، وفضّل عدم ذكر إسمه، تحدث أن المجموعات، والتي كانت ضمن صفوف الجيش الحر، رفضت إجراء التسوية، وأخذت على عاتقها الوقوف بوجه هذه الظاهرة بالرغم من قلة الإمكانيات، و
ملاحقة النظام، حيث بات هذا الوباء منتشراً بين شباب المحافظة، ويتسبب في تصاعد وتيرة جرائم القتل، والسرقة، وهو ما دفع إلى رفع الصوت من جانب ناشطين، كي يتحد المجتمع المحلي للوقوف ضد هذه الظاهرة، التي يسعى من خلالها النظام، وإيران، والمليشيات التابعة لهما، لإغراق درعا بها.

وقد تم خلال الأعوام الفائتة اغتيال العديد من الأسماء ممن تزعموا مجموعات تتبع لمليشيا النظام، وفي نفس الوقت تقوم ببيع، وترويج المخدرات.

بالإضافة إلى الخلافات الداخلية، التي تحدث بين مجموعات تهريب المخدرات، والتي دائماً ما تتسبب بمقتل العديد منهم، والسبب الرئيسي وراء هذه الخلافات، هي مناطق النفوذ والتوزيع، حيث تُقسم المناطق ضمن المحافظة، ولكل شخص منطقتهُ، التي يقوم بالتوزيع والتهريب منها.

باتت المخدرات تُشكل مصدرَ رعبٍ داخلي في محافظتي درعا،والسويداء (جنوب سوريا)، إذ تنتشر ظاهرة الإدمان على حبوب الكبتاغون، والترامادول، والحشيش، على نطاق واسع، لم يستثنِ أي فئة عمرية، كما لم يُفرق حتى بالجنس.

قاسم هو أحد الأشخاص المتعافين من إدمان الحبوب في محافظة درعا قال لموقع 18 آذار في حديث: أنه استمر في الإدمان على مادة الترامدول أكثر من عام، بالإضافة إلى تعاطي الحشيش قبل أن يعود إلى وعيه، ويقرر التخلص منها

وأضاف في كلامه: المخدرات باتت تتنشر بشكل كبير، وتُباع على العلن، وفي وضح النهار، وأسعارها ليست مرتفعة، و أنه كان يعمل لشراء “ربعيه ” من مادة الحشيش ويبلغ سعرها ال ١٠٠ ألف ل.س، وهي تكفيه لمدة عشرة أيام.

بالإضافة إلى مادة الترامدول، والتي تُباع ب باثني عشر ألف للظرف الواحد، وهي أيضاً كانت تكفيني لمدة 10 أيام.

وأشار قاسم في حديث: أن المخدرات باتت تُباع أيضاً في المدارس، والجامعات!!

*ما هي تأثير المخدرات على جسم المتعاطي وما هي طرق العلاج؟*

للمخدرات أثر كبير على جسم الإنسان تصل في بعض الأحيان إلى الوفاة، في حال حاول الشخص زيادة جرعة التعاطي، ناهيك عن تقصير عمر المتعاطي تدريجياً.

ففي حديث خاص لموقع 18 آذار مع الدكتور “أحمد المقداد”حول آفة المخدرات قال: أن المخدرات هي الخطر الأكبر على المجتمع في هذه الأوقات العصيبة، التي يعشيها السورريين، وإذا أردنا ذكر سلبياتها على المجتمع، والحياة العامة لا يمكننا إحصائها.

ولكن تأثيرها على جسد الإنسان كبير، ويصل للوفاة، ومن الناحية العلمية، والطبية فإن المخدرات تسبب حدوث اضطرابات في القلب، وارتفاع ضغط الدم، الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث انفجار الشرايين.

وأيضاً تؤدي لحدوث التهابات في المخ، والتي تؤدي إلى الشعور بالهلوسة، وأحيانًا فقدان الذاكرة، أو تليف الكبد، وبالتالي زيادة نسبة السموم في الجسم، واضطرابات الجهاز الهضمي، وفقدان الشهية مما يؤدي إلى الهزال، والشعور بعدم الإتزان.

ناهيك أنه في حال إنقطاع مادة المخدر عن جسم المدمن، فأنه يحدث نوبات صرع، وقد تجعل الشخص يفعل أيَّ شيءٍ للحصول على المادة، ويُصبح عدوانياً.

وحول طرق علاجها أضاف المقداد:
أن سوريا تفتقر لمراكز طبية مؤهلة لعلاج المدمنين، وفي الوقت الحالي لا يوجد سوى متابعة الأطباء بشكل مستمر، واتباع نظام خاص للمريض في حال قرر المتعاطي التخلص من المخدرات.

 

والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية أصدرت قانوناً جديداً أطلق عليه “الكبتاغون” يُسمي نظام الأسد بنظام مصدر المخدرات، ويعمل هذا القانون على إضعاف، وتعطيل شبكة الأسد المروجة للمخدرات في مدة أقصاها 180 يوماً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى