التقارب السعودي الإيراني ومآلاته على الملف السوري

موقع 18 آذار : يوسف حسن.
تُعدّ المملكة العربية السعودية من أبرز الدول التي وقفت إلى جانب الشعب السوري في ثورته ضد نظام الأسد، الذي إرتكب مجازر وإنتهاكات بحق السكان، ولا يزال حتى اليوم،
بيّدَ أنّ عودة العلاقات بين السعودية وإيران التي تعتبر قارب النجاة للنظام السوري، وشريكه في جرائمه بحق الشعب السوري؛ شكّلت حالة من الذهول لدى الشارع السوري.
محللون سياسيون عدّوا هذه الخطوة السعودية تكريساً للتقارب مع نظام الأسد، والذي بدأت به عدد من الدول، وتسعى لإعادة تعويمه على الرغم من ملايين المهجرين، و مئات الآلاف من المعتقلين الذين خلفهم نظام الأسد.
كما أرجع محللون آخرون ذلك لأسباب سعودية بحتة، من ضمنها التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، بما في ذلك سوريا، وهو ما يشكل خطراً على الأمن القومي للملكة العربية السعودية.
نتائج إيجابية للإتفاق السعودي الإيراني
“بشار الحاج علي” عضو اللجنة الدستورية قال لموقع 18 آذار: إنه من المبكّر الحديث عن نتائج مباشرة للإتفاق السعودي الإيراني على القضية السوريّة، ولكن بالتأكيد سيكون لذلك نتائج إيجابية في دفع العملية السياسية في سورية.
وأضاف؛ أن كلّ ما نشر من بنود الإتفاق حتى الآن هو اتفاق أمنيّ ذو أبعاد سياسية، ينص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
وأفاد الحاج علي أن العطالة الدولية والإقليمية، ما تزال هي المهيمنة على الحالة السورية ، إلّا أن الإستدارة في المواقف التركية مع كل ما تحمل من معنى، و إنفتاح بعض الدول العربية على نظام الأسد، خاصة بعد كارثة الزلزال المدمر، وتحت غطاء المساعدات الإنسانية؛ أدى لتزايد الحديث عن مستقبل الحل السياسي، وهل سيكون هذا الإنفتاح على حساب الثورة! أم سيكون كسر الجمود الواقع في الملف السوري في ظل إنعدام حل سياسي.
الإنعكاسات الدولية على الملف السوري
و يضيف الدبلوماسي السوري؛ إنه لايخفى على المتابعين أنه ومع إندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وتصاعد التوتر بين روسيا والغرب عموماً، والولايات المتحدة الأميركية كقوة عظمى، وقطب أوحد منذ إنهيار الاتحاد السوفياتي؛ أدى إلى تراجع الإهتمام الدولي بالقضيّة السورية.
وأردف؛ كان للمصالحة الخليجية فائدة كبيرة، وهي إبعاد الملف السوري عن المناكفات، التي سادت في سنوات سابقة، و من الإيجابي أيضاً وحدة الصف العربي، في ظل أخطار جسيمة تهدد الأمن القومي العربي، وسيكون لذلك أيضاً إنعكاس إيجابي على القضية السورية ، ولايقلّ عن ذلك أهمية المصالحة الخليجية و المصرية مع تركيا، الحليف الأبرز لقوى الثورة والمعارضة والجارة المهمة لسوريا.
ودعى “الحاج علي” لعدم القلق فما زال الجميع يركزون في خطاباتهم على تطبيق حل سياسي، وفقاً للقرارات الأممية ذات الصلة.
وأكدَّ “الحاج علي” أن القضية السورية قضيّة كل السوريين، ولا ينقطع أو يتوقف العمل الوطني السياسي من جهة لتعزيز جبهة قوى الثورة، والمعارضة والتمسك بالحوار و بالحقوق التي لايمكن المساومة عليها، والقيام بالتواصل مع الدول الفاعلة والإقليمية والعربية، خاصة “المملكة العربية السعودية ومصر” بعد هذه التطورات و تعزيز الشراكة مع هذه القوى التي وقفت إلى جانب الشعب السوري ومازالت.
تعنّت نظام الأسد يمنع الحل السياسي
وأوضح السياسي السوري أنه في ظل الجمود الذي ساد خلال الفترة الماضية، و عدم تحقيق أي تقدّم في الحل السياسي، بسبب تعنّت النظام و عدم وجود ضغط دولي يجبره على الإنخراط؛ أدى ذلك إلى البحث عن أوراق القوّة، التي لا يمكن لأي أحد كائناً من كان التنازل عنها وهي قضايا المعتقلين والمهجرين والنازحين واللاجئين والتعذيب والأسلحة المحرمة دولياً و خاصة الكيماوي.
وشدد على أن هذه القضايا هي أوراق قوة حقوقية ذات تأثير على الملف السياسي، وهذا ما تدركه وتعمل عليه المؤسسات السياسية والمنظمات الحقوقية، وروابط جمعيات الضحايا وذويهم .
وبين أن الثورة السورية إنطلقت لتحدث التغيير المأمول، وهذا لايتوقف على القوى الخارجية، فعندما ثار السوريون لم ينتظروا الإشارة أو الدعم لكنهم بدؤوا بمظاهرات سلمية لمطالب محقة واجهتها السلطات القمعية بشتّى أنواع الأسلحة، ولا يمكن أن تستقرّ سوريا دون حل سياسي تقبل به قوى الثورة والمعارضة .
لن ينتصر الأسد
وذكر “الحاج علي” أن الروايات التي تتحدث عن انتصار نظام الأسد فمن المستحيل أن ينتصر “الدكتاتور” على شعبه ، و ليست قضية التدوير هي قضية دولية فقط هي قضية الشعب السوري، والذي بأغلبيته الساحقة حتى مع من يحسبون على أنهم موالون، سئموا من فساد وإجرام هذه العصابة الحاكمة بإستنثاء القلّة القليلة الفاسدة .
و شدد على أن الإعتراف بالأنظمة و نزع الأعتراف عنها؛ هي قضية دولية وفي حالتنا السورية لم ينزع الإعتراف الدولي عن النظام، بسبب التناقضات في مجلس الأمن الدولي، والدعم الروسي ، إلّا أن إعادة دمجه أيضاً قضيّة تتطلب توافقاً دولياً وهذا غير متوفر، ولا يمكن أن يتم دون تطبيق حل سياسي يستند لقرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص .
ولا يشكك “الحاج علي” بأن العقوبات المفروضة أمريكيّاً وأوربياً ذات أثر قوي وفعال بمواجهة النظام السوري، وما زالت تمنع أي جهود في إعادة الإعمار أو التطبيع .
و أوضح؛ أن إعادة بعض الدول العربية علاقتها مع نظام الأسد لا يمكن اعتبارها تطبيعاً حقيقياً وفاعلاً، على الرغم من محاولة الترويج لذلك من إعلام النظام وداعميه ،
حتى إن بعض العلاقات لم تتجاوز إعادة فتح الممثليات القنصلية والدبلوماسية.
و أعتبر أن هذه العلاقات نوع من العودة الباردة، ولم يتجاوز تأثيرها الجانب المعنوي ، و الدلائل على ذلك واضحة؛ حيث لم يتحسن أي شيء على المستوى الذي يأمل النظام أن ينعكس ذلك عليه، وهو المستوى الاقتصادي ، ولم نرَ أي شركة صغيرة أو كبيرة استثمرت في سورية ولا حتى من أبنائها المغتربين.
إلى الآن ينتظر الشارع السوري المعارض لنظام الأسد ما تحمله الأيام القادمة من تحركات سياسية، ودبلوماسية وما سوف تفرزه من صفقات سياسية، لعلها تكون السبيل في حل الملف السوري بما يحقق آمال السوريين.