تفشي تجارة المخدرات في جنوب سوريا، دور النظام السوري وتأثيرها على المجتمع المحلي و الاقليمي

موقع 18 آذار : يوسف حسن
ناشطون في محافظة درعا يؤكدون المسؤولية المباشرة للنظام السوري بتسهيل وصول المخدرات إلى المحافظة بكميات كبيرة، على الرغم من الحواجز العسكرية المنتشرة على طول الطريق الدولي المؤدي إلى المحافظة.
وفي حديث موقع 18 آذار مع “محمود الزعبي”، وهو أسم مستعار لناشط إعلامي في المنطقة، قال أن تجار المخدرات يقومون بنقلها من لبنان إلى درعا والسويداء عبر سيارات خاصة، ويتم تمريرها عبر الحواجز العسكرية التابعة للنظام المنتشرة في جميع أنحاء المحافظة، و أن سائقي هذه السيارات هم من حاملي البطاقات الأمنية الصادرة من الأفرع الأمنية.
وأوضح “الزعبي” أن المخدرات تصل إلى التجار في درعا والسويداء قبل أن توضع في مستودعات لترتيب نقلها باتجاه الحدود الأردنية،و إن تجار المخدرات يتنقلون بين محافظات درعا والسويداء وصولاً إلى العاصمة دمشق دون أن يتم توقيفهم على أي من حواجز النظام.
ويأتي تزايد تجارة المخدرات وترويجها خلال السنوات الخمس الماضية، بعد سيطرة النظام السوري على الجنوب السوري في صيف عام 2018، وتعتبر محافظتي درعا والسويداء الأكثر تضرراً من هذه التجارة، نظراً لامتداد حدودهما الكبير مع الأردن، الذي أصبح هدفاً لتجار المخدرات، وخاصة المدعومين من مليشيات حزب الله اللبناني، الذين يسهلون نقل المخدرات بكميات كبيرة من لبنان إلى جنوب سوريا.
المجتمع المحلي يعارض بشدة تعاطي المخدرات ويتخذ موقفًا رافضًا لها.
ويقف المجتمع المحلي في وجه هذه الظاهرة، ويعمل على مكافحتها بمساعدة منظمات المجتمع المدني، ولكنهم يواجهون صعوبة في ذلك نظراً للتحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، والتي تزيد من تعقيد المشهد الأمني وتجعل من الصعب التصدي لهذه التجارة المزدهرة.
وفي سياق متصل فإن محافظة درعا في جنوب سوريا ترفض تجارة المخدرات وتتحدى مروجيها، وفقًا لوجهاء المحافظة، وقد أدى هذا الرفض إلى مقتل عدد من تجار المخدرات ومروجيها في المنطقة، وعلى الرغم من ذلك، يبقى التجار الكبار في مأمن من الاستهداف بسبب الحراسة التي يتمتعون بها ويسكنون في مناطق السيطرة الفعلية لمليشيات نظام الأسد.
وقد أشار أحد وجهاء المحافظة إلى أن المخدرات لا تؤثر على الشخص المتعاطي فقط، بل تؤثر على المجتمع بشكل كامل، وذكر أن أربع حالات انتحار تمت في محافظة درعا خلال الفترة الماضية، وغالبيتها بسبب تعاطي الشباب للمخدرات.
بينما تعد المنطقة الحدودية بين محافظة السويداء والأردن من بين المناطق الأكثر نشاطًا لتهريب المخدرات، وقد استغل حزب الله اللبناني الظروف الاقتصادية الصعبة لأبناء العشائر في محافظة السويداء الذين يعانون من تهميش النظام السوري لهم، وقد قام تجار المخدرات المرتبطون بحزب الله بتجنيد العشرات من أبناء العشائر في نقل المخدرات إلى الأردن.
تؤكد التقارير أن التجار يدفعون للشخص الواحد ما يقارب عشرة آلاف دولار أمريكي لنقل ما يقارب عشرة كيلوغرامات من المخدرات، وهذا يعتبر مبلغًا كبيرًا جدًا في ظل انهيار الليرة السورية.
وعلى الرغم من أن عمليات التهريب كانت موجودة منذ زمن طويل، وكانت بشكل بسيط ضمن مجموعات صغيرة، إلا أنها ازدادت مئات الأضعاف بعد سيطرة نظام الأسد على المنطقة، وبعد ذلك، أصبحت مجموعات التهريب تخرج بحماية عناصر مسلحين للاشتباك مع حرس الحدود الأردني.
أحد وجهاء محافظة درعا رفض الكشف عن هويته قال لموقع 18 آذار، أن أبناء العشائر الذين يستخدمونهم مليشيات حزب الله في تهريب المخدرات لا يمكن لهم أن يهاجموا أي من عناصر حرس الحدود، حيث يقومون بالهروب في حال اكتشاف أمرهم، وأكد أن من يقوم بإطلاق النار باتجاه حرس الحدود الأردني هم عناصر مرتبطين ومجندين ضمن فصائل تابعة لحزب الله اللبناني، وهم من يتحملون المسؤولية الكاملة عن أي تصعيد في العلاقات بين الأردن وسوريا.
وتشير التقارير إلى أن الحكومة السورية تتجاهل هذا الوضع ولا تبذل جهودًا حقيقية لمكافحة تجارة المخدرات والتهريب بل تعمل على كداعم بشكل خفي لمثل هذه العمليات والتي تعد احد اعمدة اقتصاده، وبدلاً من ذلك تركز الحكومة على القضاء على المعارضة والمتمردين في المناطق الأخرى من البلاد.
وفي النهاية، تعد تجارة المخدرات والتهريب عبر الحدود مشكلة كبيرة في جنوب سوريا، وتؤثر على الأفراد والمجتمع بشكل كبير. ومن المهم تبذل جهودًا حقيقية لمكافحة هذه المشكلة.