أوضاع السوريين

من صفوف قوات النظام إلى قوات سوريا الديمقراطية، مسيرة ضابط ارتكب جرائم حرب في سوريا

موقع 18 آذار : عبد الجواد العامر

منذ انطلاق شرارة الثورة السورية في عام 2011، استمر نظام الأسد في ارتكاب جرائم ممنهجة تستهدف كل من يشارك في الحراك السلمي، و ما بدأ في محافظة درعا في حراكها السلمي قد امتد ليشمل جميع محافظات سوريا.

تم تحديد دور ضباط نظام الأسد كواحد من العناصر الرئيسية في ارتكاب هذه الجرائم البشعة، فقد تمت ملاحظة وجود إشراف مباشر من قبلهم وتوجيهات صارمة للعناصر الأخرى بارتكاب هذه الأعمال الوحشية، ومن الصعب تقدير عدد الضباط المتورطين في هذه الجرائم، فهم يشملون بشكل عام جميع ضباط النظام الذين بقوا في خدمته.

وفي سياق الأحداث التي شهدتها شمال سوريا، والتي شملت صراعًا بين قوات العشائر العربية وقوات سوريا الديمقراطية، تم توثيق ظهور أحد ضباط نظام الأسد في مقطع فيديو يقاتل إلى جانب قوات العشائر. هذا الظابط أصبح معروفًا بشكل خاص لدى العديد من الضحايا المتنوعة، ويقدم موقع “18 آذار” في هذا التقرير معلومات مفصلة عن هويته ومشاركته في أعمال العنف.

مصدر خاص تحدث لموقع 18 اذار وقال بأن الضابط الذي ظهر مقاتلا في صفوف قوات العشائر هو “مهيدي عقاب العبدالله، المشهور بلقب “أبو عقاب”، ينحدر من مدينة دير الزور وهو من عشيرة العقيدات. قبل العام 2011، كان يشغل منصب ضابط في الفرقة 15 بالجيش السوري، والتي كانت تنتشر في المحافظات الجنوبية للبلاد، خدم أبو عقاب في تلك الوحدة حتى عام 2012، بعد بدء الثورة السورية واقتحام قوات النظام لمدينة درعا في 25 أبريل 2011.

ويضيف المصدر بأنه بعد ذلك، تم تعيين “أبو عقاب” مسؤولًا عن حاجز السنتر في بلدة النعيمة، التي تقع على مدخل مدينة درعا الشرقي. وفي الفترة من عام 2012 إلى عام 2019، تم نقله للعمل في فرع المنطقة الجنوبية التابع للمخابرات العسكرية السورية، و كان أبو عقاب من بين المشرفين على إقامة حاجز في حديقة حميدة الطاهر بحي السحاري غرب مدينة درعا.

فيما بعد، تم نقله إلى فرع المخابرات العسكرية في العاصمة دمشق. تم ترويج أخبار كاذبة عن وفاته في عام 2020 عبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها المخابرات العسكرية السورية، وذلك لتضليل المعارضة والمتابعين، وذلك حسبما أشار المصدر.

الضابط السوري السابق يتحوّل إلى عميل متسلل داخل قسد في مهمة اختراق لصالح نظام الأسد.

ومنذ ذلك الحين، اختفى أبو عقاب عن الأنظار ليبدأ مهمته الجديدة كعميل متسلل داخل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو في مهمة لصالح نظام الأسد لجمع معلومات استخباراتية حاسمة، وتعد هذه الخطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا في مسار حياة أبو عقاب، حيث يستخدم خبرته العسكرية ومعرفته الداخلية للتسلل والتجسس، وذلك بحسب المصدر نفسه.

مصدر خاص من مقاتلي العشائر في دير الزور قال لموقع 18 اذار، بأنه في الفترة بين عامي 2021 و 2023، قرر أبو عقاب خوض تحول جذري في مساره العسكري، بعد انضمامه إلى قوات سوريا الديمقراطية، حيث التحق بمجلس دير الزور العسكري الذي يقوده أحمد الخبيل الملقب بأبو خولة، وهو أحد أعضاء عشيرة البكير كما هو الحال مع أبو عقاب.

تغيرت الأحداث بسرعة عندما تم اعتقال أحمد الخبيل، قائد مجلس دير الزور العسكري على يد قوات سوريا الديمقراطية والتي يتبع لها الخبيل، واندلعت على اثرها مواجهات عنيفة في دير الزور، في هذا السياق، قرر أبو عقاب الانضمام إلى قوات إبراهيم الهفل العقيدي، مجموعة تقاتل ضد قوات سوريا الديمقراطية التي كان ينتمي إليها سابقًا، وذلك بحسب المصدر الخاص من دير الزور.

خلال تواجد ابو عقاب في جنوب سوريا وثقت تفاصيل مروعة، وانتهاكات قد قام بها.

مصادر مطلعة تحدثت لموقع 18 اذار وقالت: بأن مهام “أبو عقاب” خلال تواجده في جنوب سوريا تعتبر من بين أكثر الأنشطة القاتلة والمرعبة في الصراع الدائر بالبلاد، حيث كان ينتمي “أبو عقاب” إلى مجموعة ضيقة ترافق العقيد أيمن عيوش، العامل في فرع المخابرات العسكرية السورية والمسؤول عن عدة حواجز أمنية في مدينة درعا وريفها في حينها، بما في ذلك حاجز حميدة الطاهر، الذي كان “أبو عقاب” يخدم فيه.

وأضافت المصادر المطلعة، بأن العقيد أيمن عيوش، الذي ينحدر من بلدة القصير بريف حمص، لقي حتفه في معارك عنيفة مع قوات النظام السوري في ريف محافظة اللاذقية الشمالي عام 2015، ومنذ ذلك الحين، استلمت مجموعة الضباط التي ينتمي إليها “أبو عقاب” مهمة شنق وتعذيب وقتل المعتقلين بطرق وحشية.

وتكمن مهمة ابو عقاب بالاضافة الى بعض الضباط الذين يرافقونه ، في تنفيذ إعدامات ميدانية وتصفية المعتقلين بعد تعذيبهم بأبشع الطرق الممكنة، وأعتبر “أبو عقاب” حينها رأس الحربة في هذه المهمة، وذلك حسبنا اشارت نفس المصادر.

وبحسب المصادر المطلعة ، فإن أول عملية إعدام ميدانية علنية التي نُسبت لمجموعة “أبو عقاب” تُعتبر حدثًا تاريخيًا في محافظة درعا، وقد تم تنفيذها في حي السحاري خلال عام 2012، في هذه العملية، قام “أبو عقاب” بإعدام ثلاثة شبان دون سابق إنذار داخل محل حلاقة، وهم وسيم الشيخ قاسم وأخوه عمار الشيخ قاسم، بالإضافة إلى أحد زبائن الحلاقة، وقد تم أيضًا إعدام إخلاص مسالمة، شقيقة الإعلامي محمد المسالمة في درعا، بالإضافة إلى قتل الشاب أحمد الدهون أثناء زيارته للمشفى الوطني في حي العقاب بدرعا، بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق قتل العديد من المشايخ في درعا تحت وطأة التعذيب، مثل الشيخ مصلح عياش والشيخ ربيع الكاكوني.

و مع بداية عام 2014، أقيم مركز احتجاز مؤقت تابع لحاجز حديقة حميدة الطاهر نظرًا لتجاوز العدد القصوى للمعتقلين في الحاجز. وكان “أبو عقاب” يشرف شخصيًا على هذا المركز، الذي يقع في معهد آفاق التعليمي والقبو التابع له بحي السحاري في درعا، وذلك بحسب مصادر مطلعة.

وعن تجربة محمد حسان المسالمة في اعتقاله بحاجز حديقة حميدة الطاهر تكشف عن مدى وحشية هذا السجن، و وفقًا لشهادته، كان الحاجز من بين أسوأ السجون في المنطقة، حيث تعرض المعتقلون لتعذيب شنيع يشمل صعقهم بالكهرباء واستخدام طرق التعذيب المعروفة باسم “الشبح” وإجبارهم على النوم على الشوك. في الليالي الباردة والممطرة، كان أفراد الحاجز يقومون بربط المعتقلين بالأشجار في ظروف جوية قاسية وتحت تأثير البرد الشديد.

بالإضافة إلى ذلك، تم توثيق حوادث الاغتصاب والوفاة نتيجة التعذيب في أقبية الحاجز. هذه التفاصيل المرعبة تكشف عن مدى القسوة واللامبالاة التي يتعامل بها أعضاء الحاجز مع المعتقلين.

في الختام، فإن هذه الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا يمكن تجاهلها أو تبريرها بأي حال من الأحوال، لذا، يناشد الضحايا قوات العشائر في دير الزور، والجهات المعنية بضرورة التحرك السريع والحاسم لتقديم “أبو عقاب” إلى العدالة ومحاسبته على جرائمه، ولابد من أن يُحال هذا الشخص الذي انتهك حقوق الأبرياء وارتكب أعمالًا وحشية ومشينة إلى المحاكمة وأن يُعاقب على أفعاله بما يتفق مع القوانين والقيم الإنسانية.

#موقع_18_آذار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى