أوضاع السوريين

“أزمة صحية خانقة في بلدة الشجرة، تلوث مياه الشرب يؤدي إلى ارتفاع حالات التسمم والتهاب الكبد الفيروسي A”

موقع 18 آذار  : أحمد النابلسي.

منذ عدة أيام، تشهد بلدة الشجرة أزمة صحية خطيرة تهدد سكانها، حيث يعانون من تداعيات تلوث مياه الشرب التي تصل إلى البلدة من مصدرها الرئيسي في محطة عين ذكر غربي المحافظة، هذه الأزمة أدت إلى ارتفاع ملحوظ في عدد حالات التسمم في البلدة، حيث وصلت إلى أكثر من 700 حالة حتى الآن.

 

وما يزيد القلق هو ارتفاع عدد حالات التهاب الكبد الفيروسي A، حيث بلغ عددها 40 حالة، وتتراوح غالبية المصابين في هذه الحالات بين الأطفال، هذا الوضع المقلق يستدعي تدخل عاجل من السلطات المعنية للتحقيق في أسباب التلوث واتخاذ إجراءات فورية للحد من انتشار المرض وإنقاذ حياة السكان.

 

في حوار مع بعض الأهالي في منطقة حوض اليرموك، أكدوا لمراسل موقع “18 اذار” أن سبب تلوث خط مياه الشرب يعود بشكل رئيسي إلى اهمال مؤسسة مياه شرب المحافظة وعدم الحفاظ على نظافة الخط منذ تسوية تموز 2018.

 

وقال “أبو محمد”، الذي كان يعمل كموظف سابق في محطة مياه عين ذكر المنبع الرئيسي الذي يغذي بلدات حوض اليرموك وبلدة تسيل غرب مدينة نوى، والأجزاء الغربية الشمالية للمدينة، إن سبب التلوث عادة ما يكون ناتجًا عن تداخل خطوط الصرف الصحي في أحد المنابع المغذية للمحطة، وأشار إلى أن إصلاح هذا المشكلة يتطلب عملية صيانة بسيطة لا تتطلب مجهودًا كبيرًا لاستعادة الأمور إلى طبيعتها، ومع ذلك لا يوجد أي استجابة طارئة من حكومة النظام الحالي.

 

بالإضافة إلى ذلك، أكد أبو محمد أن مؤسسات الدولة تقتصر على تحذير الأهالي من استخدام مياه للشرب فقط، وتقتصر استخدامها على ري النباتات وتنظيف المنازل، وهذا يشكل عبئًا كبيرًا على الأهالي نظرًا لارتفاع أسعار صهاريج المياه وعدم قدرتهم على شرائها، وأوضح أبو محمد أن راتبه التقاعدي يكفي لشراء صهريج مياه واحد في الشهر، في حين أن الأسرة بحاجة إلى ثلاثة صهاريج شهريًا على الأقل.

 

في حوار مع مراسل موقع “18 اذار”، تحدث أحد الممرضين المشرفين على علاج الإصابات في حوض اليرموك، ورفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، عن كيفية التعامل مع وباء الفيروس، وأجاب قائلاً: “يحتوي حوض اليرموك بأكمله على نقطة طبية واحدة فقط، وهي مستوصف بلدة الشجرة، وتعاني هذه النقطة من نقص كبير في الكادر الطبي منذ تسوية تموز 2018، بالإضافة إلى نقص في الأدوية واللقاحات.

 

ويضيف نفس المصدر، بأنه ومؤخرًا، ازدادت حالات التسمم يوميًا بنسبة كبيرة لأكثر من ثلاثة أيام، وتعاني النقطة الطبية من عجز كبير في تقديم الرعاية اللازمة للمرضى، ويعبر عن ذلك في الواقع، يقتصر دورهم على كتابة الوصفات للمرضى لشراء الأدوية من الصيدليات، وفي بعض الأحيان يتم تقديم السيرومات الملحية فقط عند توفُّرها.”

 

وشدد نفس المصدر، على تجاهل مديرية الصحية في درعا بشكل تام نداءات النقطة الطبية، واكتفت بإرسال بضعة سيرومات ملحية، بعضها منتهي الصلاحية، وتقديم بعض النصائح والإرشادات البسيطة فقط، وذلك بلا أدنى اهتمام بالحالة الطارئة والحاجة الملحة للمساعدة الطبية الفورية.

 

هذه الشهادة تكشف الوضع الصحي الصعب الذي تواجهه النقطة الطبية في بلدة الشجرة، حيث تعاني من نقص حاد في الكادر الطبي والأدوية، مما يؤثر سلبًا على قدرتها على تقديم الرعاية الكافية للمرضى. تظهر الحاجة الماسة للتدخل العاجل لتعزيز الموارد الطبية وتوفير الأدوية واللقاحات الضرورية لمكافحة الوباء وحماية صحة السكان في المنطقة.

 

“تجاهل حكومي وعقاب مستمر: طلاب بلدة الشجرة يفتقدون التعليم والرعاية الصحية”

 

و أكد أبو رائد السبسبي، أحد المدرسين في بلدة الشجرة، في مقابلة حصرية لموقع 18 آذار، على استمرار تجاهل الحكومة لأوضاع الطلاب في المنطقة، و يُجبر السبسبي نفسه على تغطية غياب الطلاب عن مدرستهم بسبب الحاجة الملحة لتلقي العلاج، في حين رفضت المديرية التابعة لوزارة التربية منح عطلة رسمية في المنطقة للتعامل مع تلك الظروف الصعبة.

 

ووفقًا لمصادر محلية موثوقة، يُعزى سبب هذا الاهمال الحكومي إلى فقدان النظام السوري السيطرة على المنطقة منذ تسوية تموز 2018. ومنذ ذلك الحين، تم تسليم إدارة المنطقة أمنيًا للفصائل المحلية، و يُعتبر هذا الاهمال المستمر وعدم اهتمام الحكومة بالطلاب والمجتمع المحلي في الشجرة عقابًا ضمنيًا، مما يزيد من معاناة الأهالي ويفاقم الأزمة التعليمية والصحية في المنطقة.

 

تجدر الإشارة إلى أن هذا الوضع يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الأطفال في الحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية اللازمة، و المنظمات المعنية والجهات الدولية المختصة مُطالبة بضرورة التدخل العاجل لإيجاد حلول فورية لهذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة في بلدة الشجرة وضمان توفير الحقوق الأساسية للأطفال والشباب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى