أوضاع السوريين

حال المدارس السورية، مدارس بلا معلمين وطلاب بلا كتب مدرسية.

موقع 18 آذار  : أحمد النابلسي.

 

هل سمعت في يوم من الأيام عن مدارس دون معلمين أو دون كتب مدرسية، سيكون جوابك بكل تأكيد لا، ولكن هذا شيء يحدث في سوريا.

 

فقد يمر ربما سنة دراسية كاملة أو أكثر في إحدى المدارس في سوريا، وهي لا تحتوي على مدرس يتخصص في إحدى المواد التعليمية، وربما يكون هناك نقص في مدرسين، وربما ثلاثة، غير متوفرين، والأسباب كثيرة، وإذا أردنا ذكرها ربما أمضينا أيامًا في كتابتها وتعدادها.

 

فقد باتت المؤسسات التعليمية في سوريا تسير نحو الهاوية في ظل عدم اهتمام وتقصير كبير من حكومة نظام الأسد، واستمرار معاناة المعلمين والطلاب، وكثرة التحديات التي تعصف بهم، تحديات جعلت من قطاع التعليم على شفا حفرة من نار، و ربما يكون هذا التشبيه هو التشبيه الصحيح.

 

*نقص كبيرة في عدد المدرسين من ذوي الإختصاصات العلمية*

 

يعاني قطاع التعليم في سوريا من نقص كبير في أعداد المدرسين ذوي الاختصاصات العلمية، وأحد الأسباب هي هجرة الكثير من المعلمين إلى خارج سوريا خوفًا من اعتقالهم من قبل الجهات الأمنية، ونقلهم إلى الخدمة الإلزامية في مليشيات نظام الأسد.

 

وبالإضافة إلى ذلك، يعاني الشعب السوري من تدهور كبير في الحياة المعيشية والاقتصادية خلال الأعوام الأحد عشر عاماً الماضية، وهذا كان سببًا آخر في رحيل المعلمين، فالحياة أصبحت تشبه الجحيم، مما دفع العديد من المعلمين إلى مغادرة سوريا بحثًا عن حياة أفضل، خاصة بعد أن أصبح راتب المعلم الشهري يعادل عشرة دولارات أمريكية فقط، وهو لا يكفي حتى لتوفير تكاليف المواصلات للذهاب إلى المدرسة.

 

على سبيل المثال، في إحدى بلدات محافظة درعا في جنوب سوريا، صرح “حسام”، وهو أحد المدرسين في المرحلة الإعدادية، أن العديد من المعلمين قاموا بالإضراب عن الذهاب إلى المدارس خلال العام الدراسي الماضي بسبب ارتفاع كبير في أجور المواصلات والنقل، حيث بلغت تكلفة التنقل الشهري مبلغًا أعلى من راتب المعلم.

 

وأضاف المدرس أن هذا الأمر أدى إلى إغلاق العديد من المدارس، مما دفع أهالي البلدة لبدء حملة لجمع التبرعات وتوفير وسائل المواصلات فقط للمدرسين، بهدف إعادة أطفالهم إلى مقاعد الدراسة وضمان عدم تبديد العام الدراسي عبثًا.

 

*شهادة الثانوية تخولك لان تصبح مدرسً في إحدى المدارس في سوريا*

 

بعد النقص الكبير الذي تعانيه المدارس السورية في المعلمين من ذوي الاختصاص، وخاصة العلمية، دفعت المديريات التربوية في المحافظات إلى قبول العديد من حملة الشهادة الثانوية كمدرسين بنظام الساعات للمواد الأدبية، دون أي مراعاة ما إذا كانوا حاملين لشهادة جامعية، لتعويض النقص الحاصل في المعلمين. وهذا ما أثر بشكل كبير على مستوى الطلاب.

 

وفيما يتعلق بالمواد العلمية، اضطرت وزارة التربية لتوظيف العديد من طلاب الجامعات في قسم الهندسة لتدريس مواد الرياضيات والفيزياء للطلاب، فعلى سبيل المثال، صرحت “سوزان”، وهي إحدى الطالبات الجامعيات في السنة الثانية وتدرس في كلية الهندسة الزراعية في دمشق، بأنها تعمل على إعطاء دروس فيزياء لطلاب الصف السابع الإعدادي بنظام الساعات، وذلك بسبب عدم وجود أستاذ متخصص في الفيزياء، وأضافت أنها تواجه صعوبة كبيرة في تدريس الطلاب، حيث أنها لم تدرس الفيزياء في الجامعة ولا تمتلك القدرة الكافية لإعطاء دروس للطلاب.

 

 

*تلاميذ دون كتب مدرسية *

 

بعد عملية بحث جرت في إحدى المدارس في محافظة درعا، وجدنا أن العديد من التلاميذ لا يمتلكون كتب مدرسية، نتيجة لعجز حكومة النظام عن تأمين أبسط حقوق التلاميذ، ومنها كتبهم المدرسية.

 

صرحت “إيمان”، وهي إحدى الطالبات في الصف الثامن الإعدادي، بأنها أمضت العام الدراسي السابق بدون كتاب لمادتي الرياضيات والفيزياء، وهذا أثر عليها بشكل كبير وأدى إلى تراجع مستواها الدراسي.

 

 

*أساتذة الإختصاص دون أي إهتمام بالطلاب في المدارس الحكومية *

 

بات المعلم المتخصص، الذي يحمل شهادة جامعية ويمتلك خبرة كبيرة في التدريس، لا يولي أي اهتمام لإعطاء الدروس في المدارس الحكومية، بعد أن أصبح اهتمامه وتركيزه في إعطاء الدروس الخصوصية في المنزل، قد يكون هذا صحيحًا وقد يكون خاطئًا، ولكن راتبه الشهري من الحكومة لا يكفيه لشراء جرة غاز لمنزله، بينما إعطاؤه خمس دروس خصوصية في يوم واحد يمكنه من الحصول على نصف راتبه الشهري.

 

“أحمد”، وهو أحد طلاب الصف الثالث الثانوي، قال إنه لاحظ أن أداء معلم الرياضيات يختلف بشكل كبير بين المدرسة والدرس الخصوصي الذي يعطيه له في المنزل، حيث أن ساعة واحدة يقدمها له الأساتذة في المنزل تكفي لما يعطونه له في المدرسة لمدة أسبوع، وشدد على أن اهتمام الأستاذ في المنزل بكون أكثر من اهتمامه في المدرسة، حتى أن طريقة الشرح وتوصيل الفكرة للدروس تختلف تمامًا.

 

وتبلغ تكلفة الساعة الواحدة في الدرس الخصوصي لأكثر من خمسة عشر ألف ليرة سورية للمواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وهذا يثقل كاهل العائلات في سوريا ويزيد من معاناتهم.

 

*المدارس الخاصة بديل للمدراس الحكومية *

 

بعد التراجع الكبير في العملية التعليمية في المدارس الحكومية، اتجه العديد من الأهالي في سوريا لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، رغم ارتفاع أقساطها السنوية وتدهور الحالة الاقتصادية للشعب السوري بأكمله.

 

وقد أعلنت الأمم المتحدة أن تسعين في المئة من الشعب السوري يعيشون تحت خط الفقر، ومع ذلك، فان وضع المدارس الحكومية في السنوات السابقة دفع العديد من العائلات إلى حرمان أنفسهم من أكثر الاحتياجات الضرورية في الحياة اليومية لتسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة.

 

قال عبد الله، وهو أب لطالب في مدرسة خاصة في مدينة درعا، إنه وعلى الرغم من صعوبة الحياة وجميع التحديات التي يواجهها الإنسان في سوريا، إلا أنه أصر في النهاية على تسجيل ابنه في إحدى المدارس الخاصة، بعد الفشل الكبير الذي تعانيه المدارس الحكومية من إهمال كبير ونقص في عدد المعلمين والكتب الدراسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى