اقتحمت مليشيا الأسد صباح الخميس 05/09/2024 مدينة تلبيسة في ريف حمص الشرقي، بعد اجتماعات مع كبار شخصيات المدينة. جاء هذا التحرك بعد أن قدم حسام لوقا، رئيس إدارة المخابرات العامة، تطمينات بعدم اعتقال المطلوبين أو دخول المنازل، وهو ما دفع قيادات الرستن للموافقة على العملية.
الفرقة 25 مهام خاصة، التي تُعرف بتبعيتها المباشرة لروسيا، دخلت المدينة بقوة عسكرية ضخمة تتألف من 300 إلى 500 عنصر مدججين بالسلاح، مدعومين بمدرعات وناقلات جنود من نوع BTR 70، إضافةً إلى مركبات تحمل رشاشات ثقيلة من نوع “دوشكا”. الهدف الأساسي من هذا الدخول كان استعراضًا عسكريًا لإظهار سيطرة النظام وقدرته على دخول المدينة في أي وقت.
وأثناء الاستعراض العسكري، كانت طائرة هليكوبتر تحلق في سماء المدينة، تحمل على متنها عددًا من القيادات العسكرية، بينهم حسام لوقا. بالتزامن مع هذا التحرك، جابت سيارات مزودة بمكبرات صوت شوارع المدينة، تبث تسجيلًا صوتيًا لقائد الفرقة 25، سهيل الحسن، يدعو فيه الأهالي إلى تسليم أسلحتهم.
وفي الوقت الذي يسعى فيه حسام لوقا لفتح باب التسوية في تلبيسة، فإن الهدف الأساسي يبدو سحب عدد كبير من شباب المدينة إلى الخدمة العسكرية. يذكر أن تلبيسة كانت أحد معاقل الجيش السوري الحر خلال الفترة من 2012 إلى 2017، مما يجعلها منطقة حساسة من الناحية الأمنية للنظام.
إلى جانب هذه التطورات، يواجه أهالي تلبيسة تحديات أخرى تتعلق بانتشار تجار المخدرات والمليشيات الإيرانية. شهدت المدينة قبل عدة أشهر هجومًا على بعض المفارز الأمنية التابعة للنظام، وذلك بعد إهانة أحد عناصر الأمن العسكري لامرأة من المنطقة، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين الأهالي والنظام.
التوترات تتصاعد في تلبيسة: تحديات أمنية واجتماعية
إلى جانب الاستعراض العسكري الأخير في تلبيسة، تواجه المدينة العديد من التحديات الأمنية والاجتماعية. يشكو سكان المدينة من انتشار تجار المخدرات، الذين يُعتقد أنهم يعملون بتواطؤ مع بعض الفصائل المدعومة من الميليشيات الإيرانية. هذا الانتشار للمخدرات يشكل خطرًا متزايدًا على الشباب ويعمق الأزمة الاجتماعية التي يعاني منها الأهالي.
كما تسعى الميليشيات الإيرانية إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، مستخدمة قوتها العسكرية والاقتصادية للسيطرة على مواقع استراتيجية، ما يثير قلق الأهالي من محاولات تغيير ديموغرافي وثقافي في المدينة والمناطق المحيطة بها.
من جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أن تلبيسة كانت قد شهدت مقاومة شعبية ضد الممارسات الأمنية للنظام. ففي حادثة وقعت قبل أشهر، شن الأهالي هجومًا على بعض المفارز الأمنية بعد أن قام أحد عناصر الأمن العسكري بتوجيه إهانات لفظية لامرأة من المنطقة. هذه الحادثة أثارت غضب الأهالي وأدت إلى تصعيد كبير، حيث عبّر الأهالي عن رفضهم لوجود هذه المليشيات واستمرار تدخلها في حياتهم اليومية.
النظام يسعى للسيطرة وسط التوترات
بمحاولة النظام فتح باب “التسوية” وسحب المزيد من شباب المدينة إلى الخدمة العسكرية، يسعى إلى فرض سيطرته من جديد على مناطق ريف حمص، بما في ذلك تلبيسة. ومع ذلك، فإن هذه الخطوات تُقابل بالرفض من قبل الكثير من أهالي المنطقة، الذين يعتبرون تلك الخطوات محاولة لتجنيد أبنائهم في حروب لا تعود عليهم بأي منفعة.
إن التوترات بين النظام والأهالي مستمرة في التصاعد، في ظل محاولات متواصلة من قوات الأسد والمليشيات الإيرانية لتثبيت نفوذها في المنطقة. ومع استمرار الاستفزازات وتجاهل الاحتياجات الأساسية للسكان، تبقى المنطقة على حافة مواجهات جديدة، في ظل تحديات سياسية وأمنية معقدة تعيشها سوريا بشكل عام.